حين يكتب تاريخ فلسطين –الشعب والقضية- بأيد منصفة وأمينة ستدرك الأجيال المتعاقبة أن يحيى عياش أو (المهندس) كما عرف في حياته يحتل مكانا بارزا بعد أن سطر ملحمة تاريخية خالدة من أجل دينه ووطنه وقتل في سبيل الله ومن أجل فلسطين فوق أرضية صلبة من الفهم العميق بطبيعة القضية الفلسطينية. فقد أدرك يحيى معادلة التعامل مع العدو منذ أن لمست يداه أول سيارة مفخخة أعدها لاستنهاض الشعب الفلسطيني بكافة قطاعاته ومختلف تياراته نحو مقاومة شاملة للاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة المقاومة ومفردات القوة. ولذلك أعلن زعماؤه وقادته يأسهم واعترفوا قائلين: "ماذا نفعل لشاب يريد الموت".
مسيرة التاريخ ورحلة الحياة:
بين أزقة قرية رافات وفي السادس من آذار/مارس، سنة 1966م ولد يحيى عبد اللطيف ساطي عياش، وفي كنف بيت متدين عاش طفولة هادئة إذ كان مثالا للطفل المؤدب الهادئ حتى أن أحد أعمامه يقول: "كان هادئا أكثر من اللزوم ولا يحب الاختلاط كثيرا بغيره من الأطفال حتى أنني كنت أعده انطوائيا بعض الشيء"
كبر الطفل يحيى ودخل المدرسة الابتدائية في قريته عند بلوغه السادسة من عمره وبرز بذكائه الذي لفت إليه أنظار معلميه إذ أنه لم يكن يكتفي بحفظ الدروس المقررة للصف الأول بل كان يحفظ دروس الصف الثاني أيضا.
حصل يحيى على شهادة الدراسة الثانوية من مدرسة بديا الثانوية عام 1984م وكان معدله 92,8% والتحق بجامعة بيرزيت لدراسة الهندسة الكهربائية وكان من أنشط الشباب في كلية الهندسة ضمن إطار الكتلة الإسلامية وشارك إخوانه في كافة المواقع ومراحل الصراع والاحتكاكات المباشرة سواء مع سلطات الاحتلال أومع الكتل الطلابية المنافسة.
تخرج من الجامعة عام 1991م بتفوق وتزوج من ابنة خالته بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر، 1992م ورزق منها طفله الأول براء في 1 كانون الثاني (يناير) 1993م وكان حينها مطاردا، وقبل استشهاده بيومين فقط رزق بابنه الثاني عبد اللطيف تيمنا باسم والده غير أن العائلة أعدت يحيى إلى البيت حين أطلقت على الطفل عبد اللطيف اسم يحيى.
شيخ الإخوان في رافات:
لبى يحيى عياش دعوة الإخوان المسلمين وبايع الجماعة في بداية العام 1985م وأصبح جنديا مطيعا وعضوا عاديا بإحدى أسر الإخوان المسلمين في مدينة رام الله وعمل بجد ونشاط وقام بكافة التكاليف وأعباء الدعوة الإسلامية سواء داخل الجامعة أو في مدينة رام الله أو قريته رافات ووظف المهندس سيارة والده التي اشتراها في خدمة الحركة الإسلامية حين دأب على السفر إلى رافات وقام بإرساء الأساسات وشكل أنوية لمجموعات من الشباب المسلم الملتزم. وحينما انفتح الأفق على حركة المقاومة الإسلامية حماس كانت هذه المجموعات في طليعة السواعد الرامية خلال سنوات الانتفاضة المباركة الأولى ونظرا للدور الريادي الذي قام به وحكمته وأدبه وأخلاقه فقد اعتبرته الفصائل الفلسطينية (شيخ الإخوان في رافات) ترجع إليه في كافة الأمور التي تتعلق بالفعاليات أو الإشكاليات خلال الأعوام (1988-1992).
رحم الله جميع شهدااااااء الامة الاسلامية وأسكنهم فسيح جناته ان شاء الله