طفولتههو عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي, ولد في 23/10/1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا) ولجأت أسرته بعد حرب 1948 إلى قطاع غزة واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين وكان عمره وقتها ستة شهور ونشأ الرنتيسي بين تسعة إخوة وأختين التحق وهو في السادسة من عمره بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين واضطر للعمل أيضا وهو في هذا العمر ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة التي كانت تمر بظروف صعبة وأنهى دراسته الثانوية عام 1965.
ويتذكر الرنتيسي طفولته، فيقول: "توفي والدي وأنا في نهاية المرحلة الإعدادية فاضطر أخي الأكبر للسفر إلى السعودية من أجل العمل". ويردف: "كنت في ذلك الوقت أعد نفسي لدخول المرحلة الثانوية، فاشتريت حذاء من الرابش، (البالة)، فلما أراد أخي السفر كان حافيا، فقالت لي أمي أعط حذاءك لأخيك فأعطيته إياه، وعدت إلى البيت حافيا... أما بالنسبة لحياتي في مرحلة الثانوية فلا أذكر كيف دبرت نفسي".
الدراسةكان عبد العزيز الرنتيسي من المتفوقين، وهو ما أهله للحصول على منحة دراسية في مصر على حساب وكالة غوث اللاجئين (أونروا) وهناك درس طب الأطفال في
مصر لمدة 9 سنوات وتخرج في
كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقاً درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمل طبيبا مقيما في مستشفى ناصر (المركز الطبي الرئيسي في خان يونس) عام 1976 شغل الدكتور الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها: عضوية هيئة إدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني وعمل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرا يدرس مساقات في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
بدأ الرنتيسي العمل في مجال الطب عام 1972، وتزوج عام 1973، ويذكر ما حدث له في ليلة زفافه ويقول: "لم يكن في المخيم كهرباء، وكنت أول من سحب خط كهرباء في المخيم.. لكن للأسف الكهرباء كانت ضعيفة لم تنر المصابيح، فطلبت من البلدية تقوية التيار الكهربائي من أجل إتمام مراسم زواجي، فوافقوا أن يقووا التيار الكهربائي لمدة ثلاثة أيام فقط".
النشأة السياسيةوعن بداية مشواره مع الحركة الإسلامية يقول الرنتيسي إنه تأثر أثناء دراسته بمصر كثيرا بالشيخين محمود عيد وإبراهيم المحلاوي، وكانا يخطبان في مسجدي السلام وإبراهيم باشا في القاهرة.
وأضاف الرنتيسي: "كانت الخطب سياسية حماسية؛ فمحمود عيد كان يدعم القضية الفلسطينية، وكان يواجه السادات بعنف في ذلك الوقت؛ وهو ما ترك أثرا في نفسي، فلما عدت من دراسة الماجستير بدأت أتحسس طريقي في الحركة الإسلامية مقتديا بأسلوبه ونهجه"، موضحا أن أول مواجهة له مع الاحتلال الإسرائيلي كانت عام 1981 حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية ثم اعتقل على خلفية رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال.
إنشاء حركة حماسكان أحد قياديي حركة الإخوان المسلمين السبعة في "قطاع غزة" عندما حدثت حادثة المقطورة، تلك الحادثة التي صدمت فيها مقطورة صهيونية سيارة لعمال فلسطينيين، فقتلت وأصابت جميع من في السيارة، واعتبرت هذه الحادثة بأنها عمل متعمد بهدف القتل مما أثار الشارع الفلسطيني؛ خاصة أن الحادثة جاءت بعد سلسلة من الاستفزازات الإسرائيلية التي استهدفت كرامة الشباب الفلسطيني؛ خاصة طلاب الجامعات الذين كانوا دائما في حالة من الاستنفار والمواجهة شبه اليومية مع قوات الاحتلال. وقد خرجت على إثر حادثة السير المتعمدة هذه مسيرة عفوية غاضبة في (جباليا) أدت إلى سقوط شهيد وعدد من الجرحى، فاجتمع قادة الإخوان المسلمين في
قطاع غزة وعلى رأسهم الرنتيسي على إثر ذلك، وتدارسوا الأمر، واتخذوا قرارا مهما يقضي بإشعال انتفاضة في قطاع غزة ضد الاحتلال الصهيوني. وتم اتخاذ ذلك القرار التاريخي في ليلة التاسع من ديسمبر 1987، وتقرر الإعلان عن "حركة المقاومة الإسلامية" كعنوان للعمل الانتفاضي الذي يمثل الحركة الإسلامية في فلسطين، وصدر البيان الأول موقعا بـ "ح.م.س". هذا البيان التاريخي الذي أعلن بداية الانتفاضة والذي كتب لها أن تغير وجه التاريخ، وبدأت الانتفاضة وانطلقت من المساجد، واستجاب الناس، وبدأ الشعب الفلسطيني مرحلة من أفضل مراحل جهاده.
ويقول الرنتيسي عن قصة إنشاء الحركة: "كنت مسئول منطقة خان يونس في حركة الإخوان المسلمين، وفي عام 1987 قررنا المشاركة بفاعلية في الانتفاضة، وكنا سبعة.. الشيخ أحمد ياسين وعبد الفتاح دخان ومحمد شمعة وإبراهيم اليازوري وصلاح شحادة وعيسى النشار، وقد اخترنا اسما للعمل الحركي هو حركة المقاومة الإسلامية ثم جاء الاختصار إلى حماس".
الاعتقال الأولوفجأة بعد منتصف ليلة الجمعة الخامس عشر من يناير 1988 -أي بعد 37 يوما من اندلاع الانتفاضة- إذا بقوات كبيرة جدا من جنود الاحتلال تحاصر منزل الرنتيسي، وتسور بعض الجنود جدران فناء البيت، بينما قام عدد آخر منهم بتحطيم الباب الخارجي بعنف شديد محدثين أصواتا فزع بسببها أطفاله الصغار الذين كانوا ينامون كحَمَل وديع. وجري أعتقاله لمدة 21 يوماً بعد عراكٍ بالأيدي بينه و بين جنود الاحتلال الذين أرادوا اقتحام غرفة نومه فاشتبك معهم لصدّهم عن الغرفة ، فاعتقلوه دون أن يتمكّنوا من دخول الغرفة وبعد شهرٍ من الإفراج عنه تم اعتقاله بتاريخ 4/3/1988 حيث ظلّ محتجزاً في سجون الاحتلال لمدة عامين و نصف حيث وجّهت له تهمة المشاركة في تأسيس و قيادة حماس و صياغة المنشور الأول للانتفاضة بينما لم يعترف في التحقيق بشيء من ذلك ، ليطلق سراحه في 4/9/1990 ، ثم عاود الاحتلال اعتقاله بعد مائة يومٍ فقط بتاريخ 14/12/1990 حيث اعتقل إدارياً لمدة عامٍ كامل.
مرج الزهورو في 17/12/1992 أبعد مع 416 مجاهدا من نشطاء و كوادر حركتي حماس و الجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان ، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم و تعبيراً عن رفضهم لقرار الإبعاد الصهيوني ، و قد نجحوا في كسر قرار الإبعاد و العودة إلى الوطن و إغلاق باب الإبعاد إلى الأبد.
العودةخرج الرنتيسي من المعتقل ليباشر دوره في قيادة حماس وأخذ يدافع بقوة عن ثوابت الشعب الفلسطيني و عن مواقف الحركة الخالدة ، و يشجّع على النهوض من جديد ، واعتقل الرنتيسي عدة مرات من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية وتمكّن الدكتور الرنتيسي من إتمام حفظ كتاب الله في المعتقل وذلك عام 1990 بينما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين ، و له قصائد شعرية تعبّر عن انغراس الوطن و الشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده ، و هو كاتب مقالة سياسية تنشرها له عشرات الصحف وقد أمضى معظم أيام اعتقاله في سجون الاحتلال في عزل انفرادي.
وبعودة
أحمد ياسين إلى قطاع غزّة في أكتوبر 1997، عمل الرنتيسي جنباً إلى جنب مع أحمد ياسين لإعادة تنظيم صفوف حماس بعد فقدان صلاح شحادة. وقام الرنتيسي بعمل المتحدّث الرسمي لتنظيم حماس وكقائد سياسي للتنظيم.
السجنبلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها الرنتيسي في سجون الاحتلال سبع سنوات بالإضافة إلى سنة قضاها مبعدا في مرج الزهور بأقصى جنوب لبنان عام 1992، وكان أول قيادي في حماس يعتقل بتاريخ 15-1-1988، وأمضى مدة ثلاثة أسابيع في المعتقل ثم أفرج عنه ليعاد اعتقاله بتاريخ 5-3-1988، ويقول مستذكرا تلك الأيام: "منعت من النوم لمدة ستة أيام، كما وضعت في ثلاجة لمدة أربع وعشرين ساعة، لكن رغم ذلك لم أعترف بأي تهمة وجهت إلي بفضل الله".
اعتقل الرنتيسي في سجون السلطة الفلسطينية 4 مرات، وبلغ مجموع ما قضاه في زنازينها 27 شهرا معزولا عن بقية المعتقلين.
الإستشهادوبعد أن اغتالت يد الغدر الإسرائيلية الشيخ القعيد القائد أحمد ياسين بايعت الحركة الدكتور الرنتيسي خليفة له في الداخل، ليسير على الدرب حاملا شعل الجهاد؛ ليضيء درب السائرين نحو الأقصى، وفي مساء 17 ابريل 2004 قامت مروحية إسرائيلية تابعة
للجيش الإسرائيلي بإطلاق صاروخ على سيارة الرنتيسي فاستشهد ولده محمد ومرافق الدكتور ثم لحقهم الدكتور وهو على سرير المستشفى في غرفة الطواريء.